أشاد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، بالأبعاد الاستراتيجية للاتفاقيات الجديدة التي جرى توقيعها بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، مؤكداً أنها تعكس مستوى عالٍ من التفاهم والتعاون بين البلدين في مجالات شديدة الحيوية تشمل الطاقة النووية السلمية، والدفاع المشترك، والتكنولوجيا.
وفي تصريحات لقناة "العربية"، أوضح وربيرغ أن الاتفاقيات تمثل تطوراً نوعياً في العلاقات الثنائية، وهي تأتي في إطار رؤية شاملة لتعزيز الشراكة طويلة الأمد بين واشنطن والرياض، مبيناً أن "الولايات المتحدة ترى في المملكة شريكاً أساسياً في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى إلى تعزيز التعاون معها ليس فقط على المستوى السياسي أو الأمني، بل أيضاً في المجالات العلمية والتقنية المتقدمة."
وأشار المتحدث الأميركي إلى أن أحد أبرز محاور الاتفاقيات يتركز على تطوير برامج الطاقة النووية السلمية في المملكة، حيث تعتزم الولايات المتحدة دعم السعودية بالتقنيات والمعرفة اللازمة لتأسيس منظومة نووية مدنية متقدمة، تتماشى مع المعايير الدولية للسلامة والشفافية.
وقال وربيرغ: "من المهم أن نمنح شركاءنا في المنطقة، وفي مقدمتهم المملكة، الفرصة للاستفادة من الخبرات والتقنيات الأميركية في مجال الطاقة النووية السلمية، وخاصة في ظل ما تبذله الرياض من جهود للبحث عن مصادر طاقة بديلة ومستدامة."
وأضاف وربيرغ أن التعاون الدفاعي بين البلدين سيشهد تطوراً ملحوظاً، حيث تشمل الاتفاقيات تعزيز برامج الدفاع المشترك، والتوسع في المناورات العسكرية الثنائية، بما يعزز من قدرات القوات السعودية ويرسّخ التنسيق العملياتي مع نظيرتها الأميركية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
وأكد أن "الولايات المتحدة ملتزمة بأمن المملكة العربية السعودية، وستظل تعمل على تطوير شراكات أمنية تساهم في حماية الاستقرار الإقليمي"، مشيراً إلى أن المناورات المشتركة تُعد جزءاً مهماً من هذا التعاون، لما تحققه من تبادل للخبرات ورفع للجاهزية القتالية.
وفيما يخص التحول إلى الطاقة المتجددة، لفت وربيرغ إلى أن السعودية تُدرك تماماً أهمية تنويع مصادر الطاقة، سواء عبر الطاقة النووية السلمية أو مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأكد أن الولايات المتحدة تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال، وهي على استعداد لتقديم الدعم الفني والتقني للمملكة، انطلاقاً من مبدأ الشراكة المستدامة.
وقال: "السعودية تبذل جهوداً رائدة على مستوى المنطقة في سبيل تطوير بدائل للطاقة الأحفورية، وهذا التوجه يتلاقى مع السياسات البيئية الأميركية، ما يجعل من التعاون بين الطرفين في هذا المجال أمراً طبيعياً وضرورياً."
وأشار المتحدث الأميركي إلى أن من بين الأهداف الرئيسية لهذه الاتفاقيات، نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى المملكة، خصوصاً في مجالات الطاقة والدفاع والتصنيع الذكي، وبيّن أن واشنطن ترى أهمية كبيرة في تمكين شركائها الاستراتيجيين من الوصول إلى أدوات الابتكار والبحث والتطوير.
وشدّد على أن هذه الاتفاقيات ليست مجرد تفاهمات اقتصادية، بل تمثل ترجمة عملية لرغبة البلدين في تعميق التفاهم الاستراتيجي على المدى البعيد، بما يخدم المصالح المشتركة، ويُسهم في بناء شرق أوسط أكثر استقراراً وازدهاراً.
تُعد تصريحات وربيرغ تأكيداً لما أعلنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بشأن سعي المملكة للوصول إلى تريليون دولار من الاتفاقات المشتركة مع الولايات المتحدة، وهو ما يعكس توجهاً استراتيجياً مدروساً لإعادة تشكيل العلاقات الثنائية على أسس حديثة تواكب المتغيرات العالمية.
ويُنظر إلى الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها كخطوة محورية في مسار إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، ونقلة نوعية في مساعي المملكة للانخراط في الصناعات المتقدمة والتقنيات النووية، بالتوازي مع دعم أمنها القومي وتعزيز تحالفاتها الدفاعية.
مع استمرار التطورات الجيوسياسية في المنطقة، والتحديات المتصاعدة في مجالات الأمن والطاقة، تأتي الاتفاقيات السعودية الأميركية الجديدة كرسالة واضحة بأن البلدين ماضيان نحو تعميق تحالف استراتيجي متعدد الأبعاد، يحاكي طموحات المستقبل، ويؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الذي يجمع بين التقنية والسياسة، بين الأمن والاقتصاد، وبين الطموح والرؤية.