سبعون عامًا من التوتر المتقطع بين جارتين نوويتين تصل اليوم إلى نقطة انفجار جديدة قد تكون الأخطر منذ أكثر من عقدين. في تطور دراماتيكي يهز الاستقرار الإقليمي، شرعت كل من الهند وباكستان في إجراءات غير مسبوقة لخفض التمثيل الدبلوماسي وتقييد الحركة بين البلدين، على خلفية هجوم دموي أودى بحياة 28 شخصًا في إقليم كشمير المتنازع عليه. تحولت الأزمة من حادث أمني إلى تهديد حقيقي لاتفاقيات استراتيجية ظلت صامدة لعقود رغم كل الخلافات السابقة.
تصعيد متسارع: كيف وصلت الأزمة إلى هذا المستوى الخطير؟
بدأت شرارة التوتر الحالي مع الهجوم الدامي الذي استهدف المنطقة الخاضعة للسيطرة الهندية في إقليم كشمير، مخلفًا 28 ضحية. لكن استجابة الهند هذه المرة اتخذت منحى غير معهود، حيث عقد رئيس الوزراء ناريندرا مودي اجتماعًا أمنيًا عاجلًا أفضى إلى حزمة قرارات وصفت بالأكثر حدة في تاريخ العلاقات المعاصرة بين البلدين. هل يعكس هذا التصعيد تغيرًا استراتيجيًا في سياسة نيودلهي تجاه جارتها النووية؟
إجراءات متبادلة: سباق دبلوماسي نحو القطيعة
في خطوة غير مسبوقة، طالبت إسلام أباد المستشارين العسكريين الهنود بمغادرة أراضيها بحلول 30 أبريل الجاري، وأعلنت تعليقًا شاملًا للتجارة مع الهند. وجاء الرد الهندي أكثر حدة، حيث:
- أمهلت نيودلهي جميع الباكستانيين المقيمين على أراضيها حتى 29 أبريل للمغادرة
- أعلنت طرد المستشارين العسكريين الباكستانيين وإعلانهم أشخاصًا غير مرغوب فيهم
- قررت إغلاق نقطة التفتيش الحدودية الرئيسية في منطقة أتاري
- سحبت مستشاريها العسكريين من سفارتها في إسلام أباد تمهيدًا لإلغاء هذه المناصب الدبلوماسية بشكل نهائي
- علقت العمل بمعاهدة تقسيم مياه نهر السند الموقعة عام 1960، والتي ظلت صامدة رغم كل الخلافات السابقة
التداعيات المحتملة: م
اذا يعني تعليق معاهدة المياه؟
يثير تعليق العمل بمعاهدة مياه السند قلقًا خاصًا على المستوى الإقليمي والدولي، إذ تعد هذه المعاهدة التي وقعها البلدان عام 1960 أحد أهم ركائز الاستقرار بينهما. صرح وكيل وزارة الخارجية الهندية فيكرام مصري أن التعليق سيستمر حتى توقف إسلام أباد "دعم الإرهاب العابر للحدود" وفق تعبيره. ما الذي يعنيه تعليق اتفاقية ظلت صامدة لأكثر من 60 عامًا رغم الحروب والتوترات السابقة؟
مع اقتراب موعد انتهاء المهل الممنوحة للدبلوماسيين والمقيمين من كلا البلدين، تتجه الأنظار نحو الجهود الدبلوماسية الدولية الساعية لاحتواء التصعيد بين القوتين النوويتين. يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الجهود في منع تدهور الوضع نحو مواجهة أوسع، أم أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التوتر المستدام؟ الأيام القليلة القادمة ستحمل إجاباتٍ حاسمة قد ترسم معالم العلاقة بين البلدين لسنوات قادمة.