في خطوة مفاجئة وجريئة، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "طيران الرياض"، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية، عن استعداد الشركة لشراء جميع طائرات "بوينغ" التي كانت مخصصة للشركات الصينية والتي تم إلغاء طلبياتها بسبب الخلافات التجارية والرسوم الجمركية المفروضة بين الصين والولايات المتحدة.
هذا الإعلان يأتي في وقت تسعى فيه "بوينغ" جاهدة لإيجاد مشترين جدد لعشرات الطائرات التي باتت عالقة بعد منع الصين استيرادها، مما يضع "طيران الرياض" في موقع قوة لإبرام صفقة قد تغير قواعد اللعبة في سوق الطيران العالمي. وتأتي هذه الخطوة في سياق خطط "طيران الرياض" الطموحة لتوسيع أسطولها وتغطية وجهات عالمية متعددة في أقصر وقت ممكن. فمنذ الإعلان عن تأسيسها، وضعت الشركة نصب عينيها أن تصبح لاعباً رئيسياً في قطاع الطيران، وأن تقدم تجربة سفر فريدة ومتميزة للمسافرين.
شراء هذه الطائرات الملغاة سيسرع من تحقيق هذه الأهداف، وسيمنح "طيران الرياض" ميزة تنافسية كبيرة من خلال امتلاك أسطول حديث ومتطور بأسعار تنافسية. يذكر أن شركة "بوينغ" تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في إعادة تسويق ما يقرب من 50 طائرة كانت مخصصة لشركات الطيران الصينية. هذه الطائرات، التي تتضمن طرازات مختلفة من عائلة "بوينغ 737 ماكس" و"بوينغ 787 دريملاينر"، لم يتم تسليمها بسبب الحرب التجارية والرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الصين على المنتجات الأمريكية.
هذا الوضع أدى إلى تكبد "بوينغ" خسائر مالية كبيرة، وإلى البحث عن حلول مبتكرة للتخلص من هذه الطائرات وإعادة بيعها إلى شركات أخرى. من المتوقع أن تتضمن عملية إعادة تسويق هذه الطائرات إجراء تعديلات كبيرة عليها، بما في ذلك إعادة طلائها بألوان جديدة، وتغيير تصميم المقصورات الداخلية لتلبية متطلبات العملاء الجدد، وتحديث الأنظمة الإلكترونية وأنظمة الترفيه على متن الطائرة.
هذه التعديلات ستستغرق وقتاً وجهداً، ولكنها ضرورية لجعل هذه الطائرات جذابة للمشترين المحتملين. "طيران الرياض" تبدو واثقة من قدرتها على استيعاب هذا العدد الكبير من الطائرات وتنفيذ التعديلات اللازمة بكفاءة عالية، بفضل الدعم المالي القوي الذي تتلقاه من صندوق الاستثمارات العامة، والخبرة الفنية التي تتمتع بها في مجال الطيران. الجدير بالذكر أن هذه الصفقة المحتملة ستعزز العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وستساهم في دعم قطاع الطيران في كلا البلدين. بالنسبة لـ "بوينغ"، ستمثل هذه الصفقة طوق النجاة الذي يساعدها على تجاوز الأزمة الحالية، واستعادة ثقة المستثمرين والعملاء. وبالنسبة لـ "طيران الرياض"، ستكون هذه الصفقة بمثابة قفزة نوعية نحو تحقيق رؤيتها الطموحة، وترسيخ مكانتها كشركة طيران عالمية رائدة.
يبقى أن نرى كيف ستتطور المفاوضات بين "طيران الرياض" و"بوينغ"، وما إذا كانت الشركتان ستتوصلان إلى اتفاق نهائي يرضي الطرفين ويخدم مصالحهما المشتركة. لكن المؤكد أن هذه الخطوة الجريئة من "طيران الرياض" قد فتحت الباب أمام فرص جديدة وغير مسبوقة في سوق الطيران العالمي.