مليار عملية بحث في أسبوع واحد! هذا الرقم المذهل كشف عنه "تشات جي بي تي" ليعلن عن تحول جذري في استراتيجيته، متجاوزاً دوره التقليدي كمساعد ذكي ليصبح منصة تسوق متكاملة. أعلنت شركة "أوبن إيه آي" أمس عن إطلاق ميزة التسوق المباشر عبر تطبيقها الشهير، لتضع بذلك قدماً ثابتة في ساحة التجارة الإلكترونية، منافسة عمالقة محركات البحث التقليدية في مجال كان حكراً عليهم لسنوات طويلة.
يقدم "تشات جي بي تي" نموذجاً مختلفاً تماماً عن محركات البحث التقليدية، حيث يمكن للمستخدمين الآن إجراء محادثة طبيعية مع التطبيق لاستكشاف المنتجات المختلفة. فبدلاً من تصفح صفحات نتائج بحث طويلة ومرهقة، يمكنك ببساطة أن تسأل: "ما هو أفضل هاتف ذكي بميزانية متوسطة؟" ليقدم لك التطبيق اقتراحات مخصصة مصحوبة بأوصاف موجزة وملخصات لتقييمات المستخدمين. ما الذي يميز هذه التجربة عن منصات التسوق التقليدية؟ الإجابة تكمن في قدرة التطبيق على فهم الاستفسارات المعقدة ومقارنة المنتجات بلغة طبيعية، مما يجعل تجربة التسوق أقرب إلى استشارة خبير متخصص منها إلى عملية بحث تقليدية.
جدير بالذكر أن هذه الخدمة الثورية ستتوفر في البداية للمستخدمين في الولايات المتحدة فقط، مع وعد بطرحها تدريجياً في جميع الأسواق التي يتواجد فيها "تشات جي بي تي" عالمياً. والجدير بالذكر أن هذه الميزة ستكون متاحة لجميع المستخدمين، بمن فيهم أولئك الذين لا يملكون حساباً مدفوعاً، مما يعكس استراتيجية "أوبن إيه آي" في توسيع قاعدة مستخدميها.
وتتبنى "أوبن إيه آي" نهجاً مختلفاً عن منافسيها في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث أكد موقع "تك كرانش" أن الشركة لا تحصل حالياً على أي عمولات من عمليات البيع التي تتم عبر تطبيقها. كما أوضحت الشركة أن نتائج البحث عن المنتجات يتم اختيارها بشكل مستقل ولا تمثل إعلانات مدفوعة، وهو ما يميزها بشكل واضح عن نموذج عمل "غوغل" القائم على الإعلانات. هل تستمر هذه السياسة على المدى الطويل؟ سؤال يطرح نفسه مع توسع الخدمة وتزايد شعبيتها، خاصة مع الحجم الهائل للبحث الذي كشفت عنه الشركة والمقدر بأكثر من مليار عملية بحث أسبوعياً.
ففي خضم هذه التطورات، لم تقف "غوغل" مكتوفة الأيدي، حيث سارعت إلى دمج مساعدها الآلي "جيميناي" في محرك البحث الخاص بها لعرض إجابات مُنشأة بالذكاء الاصطناعي في أعلى نتائج البحث، مما يعكس حدة المنافسة المتزايدة في مجال أدوات الذكاء الاصطناعي. تقتصر المنتجات المتاحة حالياً عبر "تشات جي بي تي" على فئات محددة تشمل الأزياء ومستحضرات التجميل والمستلزمات المنزلية والإلكترونيات، مما يشير إلى أن هذه مجرد بداية لاستراتيجية توسعية قد تشمل قطاعات أخرى في المستقبل القريب.
كما تخطط "أوبن إيه آي" لخطوة مستقبلية واعدة من خلال إضافة ميزة "الذاكرة" قريباً، والتي ستمكن "تشات جي بي تي" من تذكر تفضيلات المستخدمين واحتياجاتهم، مما سيوفر تجربة تسوق أكثر تخصيصاً وملاءمة لكل مستخدم على حدة.
ومع إطلاق ميزة التسوق المباشر، يتجاوز "تشات جي بي تي" حدود كونه مجرد روبوت محادثة ذكي ليصبح منصة متكاملة تجمع بين الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية، مما قد يُحدث تغييراً جذرياً في طريقة تسوقنا مستقبلاً. يمكن للمستهلكين الآن تجربة هذه الخدمة الجديدة واستكشاف إمكانياتها المتنوعة، مع ترقب المزيد من التطويرات المستقبلية التي ستضيف أبعاداً جديدة لتجربة التسوق الإلكتروني.