العلاقات الأمريكية-الأوكرانية
بين الإحباط والمكاسب: كيف تحولت مساعدات أمريكا لأوكرانيا إلى اتفاقية معادن استراتيجية
كتب بواسطة: سوسن البازل |

في خطوة استراتيجية تعكس تحولاً جذرياً في العلاقات الأمريكية-الأوكرانية، وقّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا أمس الأربعاء اتفاقية تاريخية تمنح واشنطن حق الوصول إلى ثروات أوكرانيا من المعادن النادرة والموارد الطبيعية الاستراتيجية. تأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، وسط ضغوط متزايدة من إدارة ترامب على كييف لتقديم مقابل ملموس للدعم الأمريكي المستمر.

 

أطلق الجانبان على الاتفاقية اسم "صندوق إعادة الاستثمار الأمريكي الأوكراني"، وبرغم شح التفاصيل الرسمية حول هيكلها، إلا أن المصادر المطلعة تشير إلى أنها ستفتح الباب أمام الشركات الأمريكية للاستفادة من احتياطيات معادن الأرض النادرة الهائلة في أوكرانيا. في المقابل، ستحصل كييف على ضمانات باستمرار الدعم الأمريكي في حربها المستمرة منذ ثلاث سنوات ضد روسيا.

 

وقد عبّر وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عن أهمية الاتفاقية بقوله: "يُشير هذا الاتفاق بوضوح إلى روسيا وإلى التزام إدارة ترامب بعملية سلامٍ تتمحور حول أوكرانيا حرّة وذات سيادة ومزدهرة على المدى الطويل." وأضاف أن الرئيس ترامب كان وراء تصور هذه الشراكة لإظهار التزام الطرفين بتحقيق السلام والازدهار المستدام في المنطقة.

 

يكتسب هذا التوقيع أهمية استثنائية نظراً لتوقيته في مرحلة حاسمة من الصراع، حيث تزايد إحباط الرئيس ترامب من كلا طرفي النزاع. وتجدر الإشارة إلى أن محاولة سابقة لتوقيع اتفاقية مشابهة قبل شهرين باءت بالفشل خلال اجتماع متوتر في المكتب البيضاوي جمع ترامب ونائبه فانس والرئيس الأوكراني زيلينسكي.

العلاقة بين ترامب وزيلينسكي شهدت توتراً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة، حيث انتقد الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني مراراً، متهماً إياه بإطالة أمد الحرب وعدم امتلاك المقومات اللازمة لتحقيق النصر. ومع ذلك، لم يتردد ترامب أيضاً في توجيه انتقادات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصة بعد الضربات الأخيرة التي استهدفت العاصمة الأوكرانية كييف.

 

وفي تصريحات لقناة "نيوز نيشن" مساء الأربعاء، كشف ترامب عن دوافعه من وراء الصفقة قائلاً: "نظرياً، ستحصل الولايات المتحدة على أكثر مما أسهمت به... أردت أن أكون محمياً"، مشدداً على رغبته في ضمان استرداد قيمة الاستثمارات الأمريكية.

من جانبها، رحبت أوكرانيا بالاتفاقية، واصفة إياها بأنها "اتفاق دولي عادل وجيد" يمثل خطوة نحو تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي في ظل التحديات الأمنية المستمرة.