الإيرادات النفطية
مع استمرار الجهود نحو تنويع الاقتصاد: تراجع الإيرادات النفطية للمملكة 18% في الربع الأول من 2025
كتب بواسطة: سماح الرائع |

كشف التقرير المالي الرسمي الصادر عن وزارة المالية اليوم الأحد عن تراجع ملحوظ في الإيرادات النفطية للمملكة العربية السعودية خلال الربع الأول من العام الجاري 2025، حيث انخفضت بنسبة 18% على أساس سنوي لتصل إلى 149.8 مليار ريال مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ويأتي هذا التراجع في ظل التحديات التي تواجه أسواق النفط العالمية والتقلبات المستمرة في أسعار الخام خلال الأشهر الماضية، كما يعكس هذا الانخفاض الضغوط المستمرة على الاقتصادات المعتمدة على النفط في المنطقة، وتشير هذه الأرقام إلى استمرار تأثر القطاع النفطي بالتحولات الهيكلية في أسواق الطاقة العالمية والتحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية.

وأوضح تقرير أداء الميزانية للربع الأول من عام 2025 أن إجمالي الإيرادات العامة للمملكة بلغ 263.6 مليار ريال، في حين ارتفعت المصروفات الحكومية لتصل إلى 322.3 مليار ريال، مما أدى إلى تسجيل عجز في الميزانية قدره 58.7 مليار ريال خلال هذه الفترة، ويعكس هذا العجز استمرار التحديات التي تواجه السياسة المالية في المملكة وسط الجهود المتواصلة لتحقيق التوازن المالي، وعلى الرغم من تراجع الإيرادات النفطية، تظهر البيانات استمرار النمو في القطاعات غير النفطية بما يتماشى مع استراتيجية المملكة للتنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، ويعتبر هذا التحول نحو تنويع مصادر الدخل أحد ركائز رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد أكثر استدامة ومرونة.

كما تجدر الإشارة إلى أن نسبة مساهمة الإيرادات النفطية في إجمالي الإيرادات العامة للمملكة انخفضت إلى نحو 56.8% خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بمستويات أعلى في السنوات السابقة، وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً على تنامي دور القطاعات غير النفطية في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مصادر الدخل المتنوعة، ويأتي هذا التطور في وقت تسعى فيه المملكة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز دور القطاع الخاص وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما أن هذا التحول يعزز من قدرة الاقتصاد السعودي على التكيف مع التقلبات في أسواق النفط العالمية ويقلل من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على مصدر واحد للدخل.

وتشير التوقعات الاقتصادية إلى أن هذا التراجع في الإيرادات النفطية قد يستمر خلال الأرباع القادمة من العام الجاري في ظل استمرار التحديات التي تواجه أسواق النفط العالمية، مما يضع المزيد من الضغوط على صناع السياسات المالية في المملكة لتعزيز مصادر الدخل البديلة وترشيد الإنفاق الحكومي، وقد أكدت وزارة المالية في تقريرها على استمرار العمل وفق المستهدفات المالية المعتمدة لهذا العام والسعي نحو تحقيق الاستدامة المالية على المدى المتوسط والطويل، بما في ذلك تعزيز كفاءة الإنفاق وتحسين آليات تحصيل الإيرادات غير النفطية وتطوير السياسات المالية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة والتحديات المستقبلية.

وتؤكد الأرقام الواردة في تقرير أداء الميزانية على أهمية تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تتبناها المملكة في إطار رؤية 2030، خاصة في مجال تنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز مساهمة القطاعات الواعدة مثل السياحة والترفيه والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، كما تعكس هذه البيانات حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي في ظل التحولات العالمية في أسواق الطاقة والاتجاه المتزايد نحو مصادر الطاقة البديلة، مما يستدعي مواصلة جهود التنويع الاقتصادي وتطوير القطاعات غير النفطية لضمان استدامة النمو الاقتصادي وتحقيق الأهداف التنموية الطموحة التي تسعى المملكة إلى تحقيقها خلال السنوات القادمة، وفي ظل هذه التطورات، يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من الإجراءات والقرارات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التحديات المستقبلية.