التصعيد العسكري يشتعل: باكستان تعلن وصول الصراع مع الهند إلى طريق مسدود
في تطور خطير ينذر بتصاعد التوتر بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا، أعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجه محمد آصف أن الصراع مع الهند قد دخل مرحلة حرجة ووصل إلى طريق مسدود، مؤكداً في تصريحاته الرسمية اليوم الخميس أنه "لم يعد هناك مجال لخفض التصعيد مع الهند"، وتأتي هذه التصريحات المتشددة وسط تصاعد غير مسبوق في العمليات العسكرية المتبادلة بين البلدين الجارين، حيث أعلنت باكستان أنها أسقطت 25 طائرة مسيرة هندية انتهكت مجالها الجوي، بينما كشفت وزارة الخارجية الباكستانية عن وجود اتصالات جارية على مستوى مستشاري الأمن القومي بين البلدين في محاولة يبدو أنها تهدف إلى احتواء الموقف المتفجر الذي يهدد استقرار المنطقة بأكملها، خاصة مع امتلاك الدولتين لترسانات نووية تجعل أي مواجهة عسكرية شاملة بينهما مصدر قلق دولي بالغ.
في المقابل، اتخذت الهند موقفاً حازماً وتصعيدياً مماثلاً عبر تصريحات وزير خارجيتها سوبرامنيام جاي شانكار الذي حذر بلهجة قاطعة من أن أي هجوم باكستاني سيُقابل برد حازم وقوي، مؤكداً أنه "إذا تعرضت بلادنا لهجمات عسكرية، فلا شك أنها ستُقابل برد حازم"، وقد عززت وزارة الدفاع الهندية هذا الموقف بإعلانها أنها نجحت في "تحييد" محاولات باكستانية لاستهداف منشآت عسكرية هندية في المناطق الشمالية والغربية خلال الساعات الأخيرة، وكشفت الوزارة في بيان رسمي أن القوات المسلحة الهندية قامت بقصف رادارات وأنظمة دفاع جوي باكستانية في عدة مواقع استراتيجية، وقد وجهت نيودلهي اتهامات مباشرة لإسلام آباد باستهداف أراضيها خلال ليل الأربعاء الخميس باستخدام "طائرات مسيّرة وصواريخ"، مشيرة إلى أنها ردت بحزم عبر تدمير أنظمة للدفاع الجوي في لاهور بشمال باكستان، وأكدت في الوقت نفسه التزامها "عدم التصعيد، شرط أن يحترم الجيش الباكستاني ذلك"، في إشارة تحمل تناقضاً واضحاً بين التصعيد العسكري والرغبة المعلنة في ضبط النفس.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن اشتباكات عنيفة بالمدفعية والأسلحة الرشاشة اندلعت ليل الأربعاء-الخميس على طول خط الحدود الفاصل بين البلدين في منطقة كشمير المتنازع عليها منذ عقود، وقد جاء ذلك التصعيد الميداني بعد يوم واحد فقط من إعلان الهند قصف ما وصفتها بـ"بنية تحتية إرهابية" في باكستان خلال الساعات الأولى من صباح الأربعاء، وهو ما اعتبرته إسلام آباد عدواناً صارخاً على أراضيها وتعهدت بالرد عليه بقوة مماثلة، ويُظهر تسلسل الأحداث المتسارع كيف تحولت المواجهة من اشتباكات محدودة إلى تبادل للضربات العسكرية المباشرة بين جيشين نظاميين يمتلكان قدرات صاروخية متطورة، مما يرفع من مخاطر انزلاق الموقف نحو حرب شاملة قد تكون لها تداعيات إقليمية ودولية خطيرة، خاصة مع استمرار عمليات القصف المتبادل وتوسع نطاقها الجغرافي إلى ما يتجاوز منطقة كشمير المتنازع عليها.
وتعود جذور التوتر الحالي بين البلدين إلى الهجوم الدامي الذي وقع يوم 22 أبريل الماضي في الشطر الهندي من كشمير، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً معظمهم من الهندوس، حيث سارعت السلطات الهندية إلى اتهام باكستان بالضلوع في الهجوم ودعم الجماعات المسلحة المتورطة فيه، وهو ما نفته إسلام آباد بشدة، لكن نفيها لم يمنع الهند من توجيه ضربات عسكرية اعتبرتها "استباقية" ضد ما وصفتها بمعسكرات لتدريب المسلحين داخل الأراضي الباكستانية، وفي ظل هذا التصعيد المتسارع، تثار مخاوف دولية متزايدة من احتمال فقدان الطرفين السيطرة على ديناميكيات التصعيد، خاصة مع الخطاب السياسي المتشدد وإشارات التحدي المتبادلة بين قيادتي البلدين، مما يقلل من فرص الوساطة الدبلوماسية ويضع المجتمع الدولي أمام تحديات جسيمة لاحتواء الأزمة قبل تحولها إلى مواجهة عسكرية شاملة.
يُذكر أن العلاقات بين الدولتين المتجاورتين ظلت متوترة منذ انفصالهما عام 1947 عقب استقلال الهند عن الاستعمار البريطاني وتقسيم شبه القارة الهندية إلى دولتين، حيث خاضتا ثلاث حروب كبرى وعشرات المواجهات العسكرية المحدودة، معظمها بسبب النزاع المستمر على إقليم كشمير الذي يطالب كلا البلدين بالسيادة عليه، وتعتبر الأزمة الحالية الأخطر منذ المواجهة العسكرية التي اندلعت بين البلدين عام 2019 على خلفية هجوم انتحاري استهدف قافلة للشرطة الهندية في كشمير، والذي كاد أن يتسبب في حرب شاملة آنذاك لولا التدخلات الدولية لاحتواء الموقف، وتشير التقديرات الاستراتيجية إلى أن المواجهة الحالية تختلف عن سابقاتها بدرجة التصعيد العسكري المباشر واستهداف منشآت عسكرية رسمية داخل عمق أراضي الدولتين، وهو ما يمثل تطوراً نوعياً في طبيعة المواجهة بينهما، ويضع المنطقة أمام سيناريوهات شديدة الخطورة مع استمرار تصلب المواقف السياسية والعسكرية لكلا الطرفين وتراجع آفاق الحوار والتهدئة في المدى المنظور، مما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لمنع انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة قد تكون لها عواقب وخيمة على الأمن والسلم الدوليين.