في خطوة جديدة تؤكد التزام المملكة العربية السعودية بالعمل الإنساني العالمي، أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المشروع الطبي التطوعي لتركيب الأطراف الصناعية للّاجئين الأوكرانيين، وذلك في مدينة جيشوف بجمهورية بولندا، بمشاركة فريق مكوَّن من 10 متطوعين متخصصين في هذا المجال الإنساني الدقيق.
وقد بدأ المشروع أعماله بنجاح لافت، حيث تمكن الفريق الطبي التابع للمركز منذ انطلاق المبادرة من تركيب أطراف صناعية لعشرة مستفيدين، جميعهم من اللاجئين الأوكرانيين الذين فقدوا أطرافهم نتيجة الحرب والنزاعات المسلحة التي تعاني منها بلادهم منذ عام 2022، وتمثل هذه المبادرة بارقة أمل حقيقية لهم في استعادة قدرتهم على الحركة والاندماج من جديد في المجتمع.
تأتي هذه المبادرة ضمن سلسلة من المشاريع الطبية التطوعية التي تنفذها المملكة العربية السعودية، ممثلةً بذراعها الإنساني "مركز الملك سلمان للإغاثة"، والتي تستهدف شريحة مهمة من المصابين والمتضررين في مناطق النزاع حول العالم، والهدف الأسمى من هذه المبادرات هو تخفيف معاناة فاقدي الأطراف، ودعمهم نفسيًا وجسديًا، وتمكينهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية قدر الإمكان.
ويُعتبر المشروع في بولندا إنجازًا نوعيًا، إذ يُنفّذ في واحدة من الدول المستضيفة لأعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين، ويعكس مدى حرص المملكة على توسيع نطاق خدماتها الإنسانية لتشمل مناطق جديدة خارج النطاق الجغرافي التقليدي للمساعدات السعودية، ما يُبرز الدور الريادي للمملكة في ميدان الإغاثة الدولية.
وشهدت حملة تركيب الأطراف الصناعية تفاعلًا إيجابيًا من قبل المستفيدين وعائلاتهم، حيث عبّروا عن امتنانهم العميق لهذا الدعم السعودي الكريم، الذي لم يُقدّم لهم فقط أطرافًا صناعية، بل قدّم لهم الأمل في مستقبل أفضل، كما ساعدهم المشروع على استعادة الثقة بأنفسهم والشعور بالاستقلالية والقدرة على العيش بكرامة.
وقد شملت الخدمات التي قدمها الفريق الطبي التطوعي تشخيص الحالة الصحية لكل مستفيد، وتصميم الطرف الصناعي المناسب له، وتركيبه بشكل دقيق، إلى جانب تقديم جلسات تدريبية على استخدام الطرف الجديد، وذلك لضمان فعاليته وتكيف المريض معه في حياته اليومية.
ولم يقتصر المشروع على الجانب الطبي فحسب، بل ضم فريق العمل أخصائيين نفسيين واجتماعيين عملوا على تقديم الدعم النفسي والاستشارات للمستفيدين، في محاولة لدمج العلاج الجسدي بالعناية النفسية الشاملة.
ويُعد هذا المشروع استمرارًا لمسيرة مركز الملك سلمان للإغاثة في تنفيذ برامج نوعية تركز على الإنسان، وتعكس القيم الإنسانية التي تسير المملكة على نهجها، مثل الرحمة، والعدل، والكرامة الإنسانية، ويواصل المركز تنفيذ مشروعات مماثلة في عدة دول مثل اليمن، السودان، سوريا، وبنغلاديش، إضافة إلى دول أخرى تمر بظروف إنسانية معقدة.
كما أن هذا النوع من المشاريع التطوعية لا يقتصر على توفير أدوات طبية، بل يسهم بشكل مباشر في تعزيز التنمية المجتمعية، حيث يصبح المستفيد شخصًا قادرًا على العمل والحركة والاندماج في الحياة العملية، بدلًا من الاعتماد الكامل على المساعدات.
ويأتي المشروع ضمن استراتيجية طويلة الأمد ينفذها المركز لتعزيز مفهوم "العمل الإنساني المتخصص"، حيث يجمع بين الاحترافية الطبية والعمل التطوعي وروح العطاء السعودي التي أثبتت قدرتها على الوصول إلى الإنسان المحتاج في أي بقعة من العالم.
ومن المقرر أن يستمر المشروع في تقديم خدماته للاجئين الأوكرانيين خلال الفترة المقبلة، مع خطط لتوسيع نطاق المستفيدين ليشمل أعدادًا إضافية، مما يعكس استدامة هذه المبادرة وتكاملها مع الجهود الدولية الداعمة للاجئين.