في تطور جديد ينذر بمزيد من التصعيد العسكري بين الجارتين النوويتين، أعلنت السلطات الباكستانية، اليوم السبت، عن سقوط 13 قتيلاً ونحو 50 مصاباً في قصف هندي استهدف مناطق سكنية في الشطر الباكستاني من إقليم كشمير المتنازع عليه، ويأتي هذا التصعيد في ظل استمرار التوتر العسكري والسياسي بين الهند وباكستان، وسط تبادل للاتهامات وتحركات ميدانية مقلقة أثارت قلق المجتمع الدولي.
وأفاد بيان رسمي صادر عن الجيش الباكستاني بأن القصف الهندي جاء باستخدام أسلحة ثقيلة استهدفت مناطق آهلة بالسكان المدنيين في كشمير، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى تسجيل خسائر مادية جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة، وقد سارعت الفرق الطبية وفرق الدفاع المدني إلى مواقع القصف لإخلاء الجرحى وتقديم الإسعافات الأولية، فيما تم نقل المصابين إلى المستشفيات العسكرية والمدنية القريبة لتلقي العلاج.
ووفقاً لتقارير إعلامية محلية ودولية، فقد ردت القوات الباكستانية على الاعتداء بشن عمليات جوية استهدفت مواقع هندية عسكرية، قالت إنها تتضمن منظومات دفاعية متطورة، من بينها نظام الدفاع الجوي “إس 400”، الذي كانت الهند قد تسلمته مؤخراً من روسيا، وقد نشر الجيش الباكستاني صوراً لطائرات تابعة له وهي تنفذ مهاماً عسكرية ضمن الرد على القصف الهندي، مؤكداً استهداف مواقع حساسة رداً على ما وصفه بـ"العدوان السافر وغير المبرر".
وفي إطار التصعيد، أعلنت هيئة الطيران المدني الباكستانية عن إغلاق المجال الجوي للبلاد بشكل مؤقت أمام جميع أنواع الرحلات الجوية، المدنية والعسكرية، اعتباراً من الساعة 3:15 فجراً وحتى الساعة 12 ظهراً بالتوقيت المحلي، وأوضح مسؤولون باكستانيون أن قرار الإغلاق يأتي كإجراء احترازي لحماية أمن المجال الجوي في ظل التهديدات العسكرية المتزايدة، خاصة بعد أن أطلقت الهند موجة جديدة من الصواريخ تجاه مواقع داخل الأراضي الباكستانية، وفقاً لما نقلته قناة "العربية" نقلاً عن مصادر رسمية.
وتأتي هذه الأحداث في وقت يشهد فيه إقليم كشمير توتراً متصاعداً منذ عقود، حيث تتنازع كل من الهند وباكستان السيادة عليه، رغم اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار وبرامج حوار ثنائية تحت رعاية دولية، وقد سبق للبلدين أن خاضا ثلاث حروب منذ استقلالهما، كانت إحداها عام 1947 بشأن إقليم كشمير تحديداً، الذي يظل أحد أبرز بؤر النزاع في جنوب آسيا.
الرد الباكستاني على التصعيد الأخير جاء متماسكاً في مستوياته العسكرية والدبلوماسية، حيث أكد المتحدث باسم القوات المسلحة الباكستانية أن بلاده تحتفظ بحقها الكامل في الرد المناسب على أي اعتداء يطال أراضيها أو يستهدف مواطنيها، كما أوضح أن القوات الجوية والبرية والبحرية في حالة تأهب قصوى، مشيراً إلى أن القوات الباكستانية لن تتهاون في حماية سيادة أراضيها، وأن الرد سيكون حازماً وموجهاً بدقة.
من جانبها، لم تصدر وزارة الدفاع الهندية بياناً رسمياً حتى اللحظة بشأن الهجوم الذي تعرضت له مواقعها من قبل الطيران الباكستاني، فيما اكتفى مصدر عسكري هندي بتأكيد وقوع "اشتباكات محدودة" في مناطق حدودية مع باكستان، دون التطرق إلى الخسائر أو طبيعة الرد على الضربة الجوية.
وفي الأوساط الدولية، بدأت بعض الحكومات والمنظمات الأممية بإبداء قلقها من تفاقم الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في ظل امتلاك كل من الهند وباكستان لترسانة نووية كبيرة، وهو ما يزيد من مخاطر الانزلاق نحو مواجهة واسعة النطاق قد تكون عواقبها وخيمة ليس فقط على البلدين، وإنما على الاستقرار الإقليمي والدولي، ودعت بعض العواصم، من بينها واشنطن ولندن، إلى ضبط النفس والعودة إلى الحوار والدبلوماسية كسبيل وحيد لحل الخلافات.
جدير بالذكر أن إقليم كشمير يشهد بين الحين والآخر اشتباكات وعمليات عسكرية متبادلة، رغم وجود خط رقابة يفصل بين الشطرين الهندي والباكستاني من الإقليم، ووجود اتفاقيات لوقف إطلاق النار تم التوصل إليها عبر وساطات دولية سابقة، إلا أن التطورات الأخيرة، وما تخللها من استخدام متبادل للطيران الحربي والصواريخ، تنذر بتحول نوعي في طبيعة النزاع، يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لمنع تدهور الأوضاع إلى مستويات غير مسبوقة.
تؤكد هذه الأحداث مجددًا هشاشة الوضع الأمني في كشمير، وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة تحفظ حقوق جميع الأطراف، وتمنع استخدام العنف كوسيلة لحل الخلافات السياسية والحدودية.