وزير الإعلام اللبناني
وزير الإعلام اللبناني يوضح عودة العلاقات مع الخليج ضرورة وطنية
كتب بواسطة: فهد احمد |

في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وجّه وزير الإعلام اللبناني الدكتور بول مرقص دعوة صريحة إلى ضرورة إعادة العلاقات اللبنانية الخليجية إلى مسارها الطبيعي، مشددًا على أن استعادة هذه العلاقات تمثل خطوة جوهرية على طريق دعم الاستقرار الداخلي وتحقيق النمو المتوازن، وأكد مرقص خلال مداخلة إعلامية بثتها قناة "العربية"، أن لبنان لطالما اعتبر عمقه العربي، ولا سيما دول الخليج، شريكًا أساسيًا في نهضته وإعادة بناء مؤسساته.

وقال مرقص إن الظروف الراهنة تحتم على لبنان تفعيل كل قنوات التواصل والانفتاح على محيطه العربي، لا سيما الخليجي، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الأمن السياسي والاقتصادي في البلاد، مشيرًا إلى أن العلاقات اللبنانية الخليجية لطالما تميزت بروابط تاريخية متينة، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو الدعم الخليجي المتكرر لمؤسسات الدولة اللبنانية في أوقات الأزمات.

وقد علّق وزير الإعلام على الزيارة التي أجراها الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون إلى دولة الكويت، واصفًا إياها بأنها تحمل "بشائر كبرى" للبنان، وتعد مؤشرًا على عودة الحرارة إلى الخطوط الدبلوماسية مع دول الخليج، وأضاف أن هذه الزيارة ليست فقط خطوة بروتوكولية، بل تعبّر عن رغبة لبنانية حقيقية في إعادة بناء الجسور مع الدول الشقيقة، من خلال مقاربة جديدة قائمة على الشفافية والمصالح المشتركة.

وتأتي زيارة الرئيس عون للكويت في ظل متغيرات إقليمية ودولية تستدعي إعادة النظر في طبيعة العلاقات بين الدول العربية، والتأكيد على أهمية تضامنها في مواجهة التحديات الاقتصادية والضغوط السياسية المتعددة، ويرى مراقبون أن هذه الزيارة تحمل دلالات سياسية مهمة، لاسيما أنها تفتح الباب أمام عودة الاستثمارات الخليجية إلى السوق اللبنانية، التي شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة.

وأشار مرقص إلى أن بلاده تتطلع إلى تفعيل العمل الدبلوماسي مع الدول الخليجية والعربية عمومًا، من خلال التركيز على الملفات الاقتصادية والإنمائية ذات الأولوية، وتهيئة بيئة مشجعة وجاذبة للاستثمارات العربية، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة، الاتصالات، الزراعة، والسياحة، ولفت إلى أن لبنان لا يزال يمتلك مقومات اقتصادية كبيرة يمكن أن تشكل فرصًا استثمارية واعدة في حال توفرت الإرادة السياسية والاستقرار الأمني.

وتطرّق وزير الإعلام إلى واقع الاقتصاد اللبناني، مشيرًا إلى أنه يعاني من أزمة متعددة الأبعاد منذ عام 2019، ما أدى إلى تراجع في حجم الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع نسب البطالة والفقر، وانخفاض الثقة في النظام المصرفي، ورأى أن خروج لبنان من أزمته الراهنة يتطلب شراكة فعلية مع الدول العربية، لا سيما دول الخليج التي لطالما لعبت دورًا داعمًا للبنية الاقتصادية اللبنانية.

ويأتي تصريح الوزير في إطار إشارات سياسية متتالية أطلقها عدد من المسؤولين اللبنانيين في الآونة الأخيرة، تعكس رغبة الدولة اللبنانية في تصويب العلاقات مع دول الخليج، خاصة بعد توترات سابقة شهدتها العلاقة نتيجة مواقف وتصريحات غير رسمية أثارت تحفظات خليجية، وأدت إلى سحب سفراء وتجميد بعض أشكال الدعم.

ويرى مراقبون أن الوقت مناسب لعودة لبنان إلى محيطه العربي، خاصة في ظل حاجة البلاد إلى دعم سياسي واقتصادي لمواجهة أزماتها، ولتعزيز فرص التوافق الداخلي حول الإصلاحات المطلوبة، وأكد مرقص في حديثه أن لبنان منفتح على كل المبادرات الخليجية والعربية، وأن وزارة الإعلام تعمل على تعزيز الصورة الإيجابية للبنان في الخارج، وإبراز تطلع الحكومة للتعاون في مشاريع تنموية تحقق النفع المتبادل.

وفي ختام حديثه، شدد الدكتور بول مرقص على أن لبنان بحاجة إلى "الاستثمار في الاستقرار"، سواء عبر ضخ رؤوس الأموال في المشاريع الحيوية، أو من خلال دعم الدولة ومؤسساتها، مشيرًا إلى أن الاستقرار اللبناني ليس شأنًا محليًا فحسب، بل هو مصلحة إقليمية تصب في صالح المنطقة بأكملها، ودعا إلى تفعيل الحوار البناء بين لبنان ودول الخليج لإعادة الثقة، وبناء شراكات استراتيجية تُخرج لبنان من أزمته وتعيد له مكانته ضمن الفضاء العربي.