أسدل الستار على منافسات أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025، الذي استضافته المملكة العربية السعودية في مدينة الظهران خلال الفترة من 4 إلى 12 مايو الجاري، بمشاركة 240 طالبًا وطالبة من نخبة الموهوبين يمثلون 30 دولة آسيوية وعالمية، تحت شعار ملهم "معًا، نولد طاقة المستقبل"، وقد شكّل الحدث محطة علمية بارزة في مسيرة المملكة نحو ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية في دعم العلوم والابتكار، وتجسيدًا لرؤية المملكة 2030 في الاستثمار في العقول الشابة والموهبة العلمية.
وتم تنظيم الأولمبياد بتنظيم مشترك بين وزارة التعليم، ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة"، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وبشراكة ماسية من شركة أرامكو السعودية، التي جسّدت من خلال رعايتها التزامها الدائم بدعم التعليم والمبادرات العلمية الكبرى على المستوى المحلي والدولي.
وقد بلغ إجمالي الجوائز التي وزعت خلال الأولمبياد 169 جائزة متنوعة، شملت 28 ميدالية ذهبية، و37 ميدالية فضية، و59 ميدالية برونزية، بالإضافة إلى 45 شهادة تقديرية منحت للمشاركين المتفوقين، وتمكّن الطالب هيوكجون لي من كوريا الجنوبية من إحراز المركز الأول بجدارة، بينما نال الطالبان تشانغ جينغسونغ وهان ييكاو من الصين المركزين الثاني والثالث على التوالي.
وعبّر الأمين العام المكلف لمؤسسة "موهبة"، الدكتور خالد الشريف، في كلمته خلال الحفل الختامي الذي استضافته جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عن شكره وامتنانه لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – على الدعم المستمر لكل ما يعزز من ريادة المملكة في مجال التعليم والابتكار، ومثمّنًا رعاية سمو أمير المنطقة الشرقية للحفل الختامي، الذي شهد حضورًا علميًا وثقافيًا بارزًا.
وأكد الدكتور الشريف أن استضافة المملكة لهذا الحدث العلمي العالمي للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط تعكس الثقة الدولية المتزايدة في قدرة المملكة على تنظيم الفعاليات الكبرى، لا سيما تلك المرتبطة بالعلوم والمعرفة، مشيرًا إلى أن الأولمبياد شكّل منصة مثالية لاكتشاف ورعاية الموهوبين في مجال الفيزياء من مختلف دول العالم، وتعزيز التعاون العلمي بين الشعوب.
من جانبه، أشاد رئيس الأولمبياد الآسيوي الدكتور كويك ليونغ تشوان، بجودة التنظيم وحفاوة الاستقبال، مؤكدًا أن هذه النسخة من الأولمبياد تُعد من أنجح النسخ على الإطلاق، لما شهدته من تطور في المستويات العلمية واللوجستية، وأن المملكة برهنت على قدرتها في قيادة المنطقة نحو التميز في مجالات العلوم والتكنولوجيا، مضيفًا أن العديد من الطلاب المشاركين باتوا ينظرون إلى المملكة باعتبارها مركزًا علميًا وثقافيًا متطورًا.
وعلى صعيد التنافس، حصدت 14 دولة ما مجموعه 8 جوائز لكل منها، وشملت القائمة دولاً متقدمة في المجال العلمي مثل الصين، كوريا الجنوبية، الصين تايبيه، رومانيا، أستراليا، فيتنام، اليابان، وتركيا، إلى جانب دول نامية مثل منغوليا وكازاخستان وسنغافورة، كما حصلت 3 دول هي روسيا وإيران والهند على 7 جوائز لكل منها، بينما نالت المملكة العربية السعودية، وقرغيزستان، وأوزبكستان 6 جوائز لكل منها، وحققت أذربيجان وبنجلاديش خمس جوائز، فيما حصلت ماكاو وتركمانستان على ثلاث جوائز، وحصلت كل من قطر وماليزيا على جائزة واحدة.
وشهد الحفل الختامي للأولمبياد فقرات متنوعة أبرزت الجوانب الثقافية والتنظيمية للفعالية، بما في ذلك عرض مرئي عن مجريات الحدث، وتوثيق للأمسيات الثقافية المصاحبة، بالإضافة إلى أوبريت غنائي يعكس ثراء وتنوع التراث السعودي، وفي ختام الحفل، تم الإعلان عن انتقال علم استضافة الأولمبياد إلى كوريا الجنوبية، التي ستنظم النسخة القادمة في عام 2026.
وقد تضمن البرنامج الأكاديمي للأولمبياد امتحانين رئيسيين؛ أحدهما عملي تجريبي والآخر نظري كتابي، وتمت ترجمة الاختبارات إلى 30 نموذجًا بـ 16 لغة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب، كما رافق الحدث برنامج ثقافي وترفيهي متنوع شمل زيارات للمعالم التراثية والصناعية في المنطقة الشرقية، لتعريف المشاركين بتاريخ وثقافة المملكة.
أما شركة أرامكو السعودية، فقد واصلت من خلال رعايتها الماسية للأولمبياد دورها البارز في دعم قطاع التعليم والبحث العلمي، في إطار برامجها للمسؤولية المجتمعية، حيث تنظر إلى الاستثمار في العقول الشابة باعتباره استثمارًا في مستقبل المملكة والمنطقة، وتأصيلًا لمكانتها كشركة عالمية تؤمن بقوة المعرفة والابتكار.
لقد أثبت تنظيم المملكة لأولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025 قدرتها الفعلية على استضافة فعاليات علمية عالية المستوى، وتحويلها إلى فرصة لتعزيز صورتها الدولية كقوة علمية صاعدة، كما تجسد هذا النجاح من خلال المشاركة الواسعة من الدول، ونوعية الفائزين، والتنظيم المتكامل الذي حظي بإشادة دولية، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام المملكة للمضي قدمًا في بناء مجتمع معرفي يُسهم في تقدم البشرية.